سورة يونس - تفسير تفسير الواحدي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{هو الذي يسيِّركم في البر} على المراكب والظُّهور {والبحر} على السُّفن {حتى إذا كنتم في الفلك} السُّفن {وجرين بهم} يعني: وجرت السُّفن بمَنْ ركبها في البحر {بريح طيبة} رُخاءٍ ليِّنةٍ {وفرحوا} بتلك الرِّيح للينها واستوائها {جاءتها ريحٌ عاصف} شديدةٌ {وجاءهم الموج} وهو ما ارتفع من الماء {من كلِّ مكان} من البحر {وظنوا أنهم أحيط بهم} دنوا من الهلاك {دعوا الله مخلصين له الدين} تركوا الشِّرك وأخلصوا لله الرُّبوبيَّة، وقالوا {لئن أنجيتنا من هذه} الرِّيح العاصفة {لنكوننَّ من الشاكرين} الموحِّدين الطَّائعين.
{فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق} يعملون بالفساد والمعاصي والجرأة على الله. {يا أيها الناس} يعني: أهل مكَّة {إنما بغيكم على أنفسكم} أَيْ: بغي بعضكم على بعضٍ {متاع الحياة الدنيا} أَيْ: ما ينالونه بهذا الفساد والبغي إنَّما يتمتَّعون به في الحياة الدُّنيا {ثم إلينا مرجعكم}.
{إنما مثل الحياة الدنيا} يعني: الحياة الفانية في هذه الدَّار {كماءٍ} كمطرٍ {أنزلناه من السماء فاختلط به} بذلك المطر وبسببه {نبات الأرض ممَّا يأكل الناس} من البقول والحبوب والثِّمار {والأنعام} من المراعي والكلأ {حتى إذا أخذت الأرض زخرفها} زينتها وحسنها {وازَّينت} بنباتها {وظنَّ} أهل تلك الأرض {أنهم قادرون} على حصادها والانتفاع بها {أتاها أمرنا} عذابنا {فجعلناها حصيداً} لا شيء فيها {كأن لم تغن} لم تكن بالأمس {كذلك} الحياةُ في الدُّنيا سببٌ لاجتماع المال وزهرة الدُّنيا، حتى إذا كثر ذلك عند صاحبه، وظنَّ أنَّه ممتَّعٌ به سُلِب ذلك عنه بموته، أو بحادثةٍ تهلكه {كذلك نفصل الآيات} كما بيَّنا هذا المثل للحياة الدُّنيا كذلك يُبيِّن الله آيات القرآن {لقوم يتفكرون} في المعاد.
{والله يدعو إلى دار السلام} وهي الجنَّة ببعث الرَّسول، ونصب الأدلة {ويهدي من يشاء} عمَّ بالدَّعوة، وخصَّ بالهداية مَنْ يشاء.
{للذين أحسنوا} قالوا: لا إله إلاَّ الله {الحسنى} الجنَّة {وزيادة} النَّظر إلى وجه الله الكريم عزَّ وجلَّ {ولا يرهق} يغشى {وجوههم قترٌ} سوادٌ من الكآبة {ولا ذلة} كما يصيب أهل جهنَّم، وهذا بعد نظرهم إلى ربِّهم تبارك وتعالى.


{والذين كسبوا السيئات} عملوا الشِّرك {جزاء سيئة} أَيْ: فهلم جزاء سيئةٍ {بمثلها وترهقهم ذلة} يُصيبهم ذلٌّ وخزيٌ وهوانٌ {ما لهم من الله} من عذاب الله {من عاصم} من مانعٍ يمنعهم {كأنما أغشيت} أُلبست {وجوههم قطعاً} طائفةً {من الليل} وهو مظلم.
{ويوم نحشرهم جميعاً} نجمعهم جميعاً: الكفَّارَ وآلهتَهم {ثمَّ نقول للذين أشركوا مكانكم} قفوا والزموا مكانكم {أنتم وشركاؤكم فزيلنا} فرَّقنا وميَّزنا {بينهم} بين المشركين وبين شركائهم، وانقطع ما كان بينهم من التَّواصل في الدُّنيا {وقال شركاؤهم} وهي الأوثان: {ما كنتم إيانا تعبدون} أنكروا عبادتهم، وقالوا: ما كنَّا نشعر بأنَّكم إيَّانا تعبدون، والله يُنطقها بهذا.
{فكفى بالله شهيداً...} الآية. هذا من كلام الشُّركاء. قالوا: شهد الله على علمه فينا، ما {كنا عن عبادتكم} إلاَّ غافلين؛ لأنَّا كنَّا جماداً لم يكن فينا روحٌ.
{هنالك} في ذلك الوقت {تبلو} تختبر {كلُّ نفس ما أسلفت} جزاء ما قدَّمَتْ من خيرٍ أو شرٍّ {ورُدُّوا إلى الله مولاهم الحق} أَي: الذي يملك تولِّي أمرهم ويجازيهم بالحقِّ {وضلَّ عنهم} زال وبطل {ما كانوا يفترون} في الدُّنيا من التَّكذيب.
{قل مَنْ يرزقكم من السماء والأرض} مَنْ يُنزِّل من السَّماء المطر، ويُخرج النَّبات من الأرض؟ {أم مَنْ يملك السمع والأبصار} مَنْ جعلها وخلقها لكم؟ على معنى: مَنْ يملك خلقها {ومن يخرج الحيَّ من الميت} المؤمن من الكافر، والنَّبات من الأرض، والإِنسان من النُّطفة، وعلى الضدِّ من ذلك {يخرج الميِّتَ من الحيِّ ومَنْ يدبر} أمر الدُّنيا والآخرة {فسيقولون الله} أَي: الله الذي يفعل هذه الأشياء، فإذا أقرُّوا بعد الاحتجاج عليهم {فقل أفلا تتقون} أفلا تخافون الله، فلا تشركوا به شيئاً.
{فذلكم الله ربكم الحق} أَي: الذي هذا كلُّه فِعْلُه هو الحقُّ، ليس هؤلاء الذين جعلتم معه شركاء {فماذا بعد الحق} بعد عبادة الله {إلاَّ الضلال} يعني: عبادة الشَّيطان {فأنى تصرفون} يريد: كيف تُصرف عقولكم إلى عبادة ما لا يرزق ولا يحيي ولا يميت.
{كذلك} هكذا {حقت} صدَّقت {كلمت ربك} بالشَّقاوة والخذلان {على الذين فسقوا} تمرَّدوا في الكفر {أنَّهم لا يؤمنون}.


{قل هل من شركائكم} يعني: آلهتكم {من يهدي} يرشد {إلى الحق} إلى دين الإسلام {قل الله يهدي للحق} أَيْ: إلى الحقِّ {أفمن يهدي إلى الحق أحقُّ أن يتبع أم من لا يهدي} أَي: الله الذي يهدي، ويرشد إلى الحقِّ أهلَ الحقِّ أحقُّ أن يتَّبع أمره أم الأصنام التي لا تهدي أحداً {إلاَّ أن يُهدى} يُرشد، وهي- وإنْ هُديت- لم تهتد، ولكنَّ الكلام نزل على أنَّها إِن هُديت اهتدت؛ لأنَّهم لمَّا اتخذوها آلهةً عُبِّر عنهما كما يُعبَّر عمَّن يعلم {فما لكم} أيُّ شيءٍ لكم في عبادة الأوثان، وهذا كلامٌ تامٌّ {كيف تحكمون} يعني: كيف تقضون حين زعمتم أنَّ مع الله شريكاً.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8